نصائح ذهبية: كيف تستثمر وتواجه فترات تضخم الأسعار؟
أخبار عاجلة
تحميل ...

السبت، 26 يونيو 2021

الرئيسية نصائح ذهبية: كيف تستثمر وتواجه فترات تضخم الأسعار؟

نصائح ذهبية: كيف تستثمر وتواجه فترات تضخم الأسعار؟

 
التضخم في العالم


الاستثمار يعني شراء أصول ذات قيمة، تدعى الأصول الرأسمالية، يشتريها المستثمر بناء على توقعات لها إما بارتفاع قيمتها بمرور الوقت، وإما للقناعة بأنها سوف توفر مصدراً جديداً للدخل، أو أنها تحقق الأمرين معاً أي ارتفاع قيمتها مع مرور الوقت، وتوفيرها مصدراً جديداً للدخل.

عملية الاستثمار ليست ثابتة في كل الأوقات، بل إنها تعتمد على الحالة الاقتصادية للبلاد، وكذلك الحالة الاقتصادية العالمية، حيث ينظر المستثمرون لعدة عوامل اقتصادية- حالية ومتوقعة- لاتخاذ قراراتهم الاستثمارية، وربما تعديل محافظهم وموازنتها. ومن أهم العوامل الاقتصادية المؤثرة في قرارات المستثمرين يأتي عامل تضخم الأسعار كواحد من أهمها، إلى جانب الدورة الاقتصادية ومستويات البطالة ونمو الناتج المحلي الإجمالي.

كيف للمستثمرين عامة والسعوديين بشكل خاص ، كبارا وصغارا، مؤسسات وحكومات، التعامل مع وجود تضخم في الأسعار وكيف يؤثر ذلك فيهم؟
سننظر فيما يلي لأهم خمس وسائل استثمارية وندرس كيفية التعامل معها في ظل وجود تضخم الأسعار، والوسائل هي: الأسهم، والسندات، والسلع، والعقار، والذهب، ولكن قبل ذلك دعونا نستعرض ظاهرة تضخم الأسعار وحجمها في المملكة والعالم.

طبيعة التضخم
مؤشر السلع

يعد مؤشر أسعار المستهلكين، الذي يعرف كذلك بمؤشر "تكلفة المعيشة"، من أهم المؤشرات، التي تعين في معرفة اتجاه معدلات الفائدة، ويحسب بمقارنة أسعار سلة معينة من المواد الاستهلاكية بقيمة السلة ذاتها في فترة سابقة. وفي المملكة تقوم الهيئة العامة للإحصاء برصد نسبة التضخم وتنشرها بشكل مستمر، ونجد أنها حاليا (شهر نوفمبر 2020) في حدود 5.8 في المائة، نسبة التضخم هذه تعني أن الأسعار حاليا أعلى مما كانت عليه العام الماضي في الشهر نفسه، وسبب ارتفاع نسبة التضخم يعود إلى التعديل، الذي طرأ على نسبة ضريبة القيمة المضافة في منتصف 2020.

بالنسبة للمستثمرين السؤال بطبيعة الحال يكون عن مستقبل التضخم، ليس التضخم الماضي ولا الحالي، وهذا يعتمد على تحليلات المستثمرين وآرائهم، ولكن من المعروف أن نسبة التضخم، التي ستظهر في شهر يوليو 2021 في المملكة ستكون أقل بكثير من 5.8 في المائة الحالية، لكون المقارنة ستكون مع شهر يوليو 2020 المرتفع بسبب الضريبة.
هناك أمر آخر مهم للغاية للمستثمرين وهو أن تضخم الأسعار قد يأتي بسبب انتعاش الحركة الاقتصادية حين يرتفع الطلب على السلع والخدمات، وبالتالي ترتفع أسعارها، لذا فظاهرة التضخم أحيانا تكون محمودة ومطلوبة وإيجابية، بشرط أن يكون ارتفاع الأسعار ضمن النطاقات الطبيعية الملائمة للاقتصاد، غالبا بين 1 إلى 3 في المائة،
التضخم في السعودية
 التضخم في السعودية
 نسبة التضخم في المملكة خلال الأعوام الماضية لا تتجاوز 1 في المائة وأحيانا تأتي بالسالب. التضخم ممكن أن يكون مفيدا، الخوف كل الخوف هو في تراجع الأسعار، أو عكس التضخم، لأن ذلك يعني ضعف الحركة الاقتصادية وضعف الحوافز المالية للشركات، ناهيك عن تسبب ذلك بارتفاع البطالة وضعف الناتج المحلي.

بكل الأحوال تأتي أهمية تقدير نسبة التضخم المستقبلية لتأثيرها في عوائد الأصول المختلفة، ولكن هل التأثير في العوائد دائما سلبي، أم أن التأثير ضعيف، أم قد يكون إيجابيا في بعض الأصول؟ وأي الأصول أكثر ملاءمة لمرحلة تضخم الأسعار؟

1-أسواق الأسهم

أسهم الشركات دوما تكون من أفضل الوسائل الاستثمارية ضد التضخم بحكم أن ارتفاع أسعار السلع والخدمات يرفع إيرادات الشركات بشكل عام، وفي الوقت نفسه لا يتسبب في ارتفاع التكاليف بشكل فوري، وبالتالي تزيد ربحية الشركات.
 ولكن هناك قطاعات تتفاعل أسعار أسهم شركاتها إيجابيا أكثر من غيرها، مثل قطاعات الخدمات الاستهلاكية، وتجزئة الأغذية، والطاقة، والمواد الأساسية .. والفيصل في ذلك يعود لسبب التضخم: إذا كان التضخم بسبب انتعاش الحركة الاقتصادية، فيكون التأثير إيجابيا في معظم القطاعات. أما إذا كان التضخم ناتجا عن ارتفاع تكاليف عناصر الإنتاج أو بسبب تراخي السياسة النقدية، أي قيام البنك المركزي بطباعة النقود أو ضخ السيولة بشكل كبير، فالتأثير الإيجابي يظهر في القطاعات الدفاعية، مثل تجزئة الأغذية، ويكون التأثير سيئا للسلع الكمالية، وكذلك للسلع والخدمات الفخمة عالية السعر.
كيف يتعامل المستثمر مع الأسهم عند احتمال مواصلة تضخم الأسعار في الفترات اللاحقة؟
على المستثمر أن يسأل عن سبب تضخم الأسعار، ويشتري الأسهم بشكل عام، مع التركيز على الأسهم، التي تتجاوب مع سبب التضخم بشكل مباشر.

الاستثمار في السندات والصكوك
تعد السندات(البديل الشرعي لها الصكوك) إحدى أهم وسائل التمويل المالي المتاحة للشركات والحكومات، التي عن طريقها يتم الحصول على رأس المال اللازم للنمو والتطوير والمنافسة، أو في حالة الحكومة لسد العجز في الميزانية والتوسع في المشاريع التنموية، وغالبا تستطيع الحكومة إصدار سندات بتكلفة أقل من التكلفة، التي تدفعها الشركات.
التفاعل القوي للسندات مع التضخم سببه أن التضخم يؤدي إلى ارتفاع أسعار الفائدة، وبالتالي تصبح السندات الحالية أقل جاذبية من السندات، التي ستصدر لاحقا، فيكون هناك ضغوط بيع على السندات، فتنخفض أسعارها وترتفع عوائدها، لإيضاح هذه النقطة، لكل سند قيمة اسمية معينة، غالبا 1000 ريال لصكوك الاستثمار الحكومية، وترتفع إلى مليون ريال لأدوات الدين الحكومية، ويوزع السند عائدا ماليا دوريا بنسبة محددة تسمى عائد القسيمة، ثم يعاد رأس المال المقترض بتاريخ الاستحقاق الظاهر في الصك أو السند.
ونظرا لكون سعر السند خاضعا لقوى العرض والطلب اليومية، فإن سعر السند يتغير يوميا، وتبعا لذلك يتغير العائد الجاري للسند، الذي هو عبارة عن مبلغ الفائدة المستحقة على السند مقسوما على سعر السند، وبالتالي إذا انخفض سعر السند يكون العائد الجاري مرتفعا، والعكس صحيح.
السندات والصكوك المتداولة في المملكة لها مؤشر خاص يعبر عن قيمها ككل، وتقوم شركة السوق المالية "تداول" برصده وعرضه بشكل يومي، والنقطة المهمة هنا أن ارتفاع هذا المؤشر يعني انخفاض العائد، فمثلا منذ أوائل 2019 وأسعار السندات في ارتفاع نتيجة الانخفاضات المتتالية لأسعار الفائدة، تماشيا مع أسعار الفائدة الأمريكية.

كيف يتعامل المستثمر مع السندات عند احتمال مواصلة تضخم الأسعار في الفترات اللاحقة؟
يمكن للمستثمر شراء السندات للاستفادة من ارتفاع أسعارها إذا كان يعتقد أن أسعار الفائدة لن ترتفع في المستقبل أو ربما ستنخفض أكثر، وبالتالي سترتفع أسعار السندات، والهدف هنا الاستفادة من ارتفاع سعر السند وليس الحصول على الفائدة الدورية. ولكن لو حصل ارتفاع في نسبة التضخم بشكل مستمر وقررت الدولة التصدي له برفع أسعار الفائدة، فهنا لن تكون السندات مناسبة.

أسواق السلع
الأسواق المالية للسلع بشكل عام متوافرة خارج المملكة، لذا يحتاج المستثمر التعرف إلى هذه الأسواق وتنويع محفظته الاستثمارية لتشمل جزئية السلع، مثل المعادن والنفط والمنتجات الغذائية والزراعية والحيوانية. وبطبيعة الحال يؤثر التضخم في أسعار السلع فترتفع أسعارها، ويستفيد من ذلك المستثمرون، الذين خصصوا نسبة من محافظهم الاستثمارية للسلع.

كيف يمكن الاستثمار في السلع؟
هناك مؤشر السلع التابع لمؤشرات إس آند بي، الذي يرصد حركة 24 سلعة متنوعة، ويتم ذلك عن طريق العقود المستقبلية، أي أن المؤشر يحسب التغيرات الفورية، التي تحدث لعقود الذهب والنفط والقهوة والذرة وعصير البرتقال ولحوم الأبقار وغيرها، وتظهر هذه التغيرات في مستوى المؤشر والتغير في قيمته أثناء أوقات عمل الأسواق المستقبلية. ويتم الاستثمار في حركة هذا المؤشر بطرق غير مباشرة، وذلك عن طريق أي من الصناديق المتداولة المخصصة للسلع. وعلى سبيل المثال، ممكن شراء أسهم صندوق خاص بعقود القهوة وآخر خاص بعقود الأبقار الحية وآخر خاص بالذرة أو شراء أسهم لصندوق مختلط أو متخصص في عدة سلع، وهكذا.
في المملكة في الإمكان التركيز على أسهم الشركات العاملة في قطاع المواد الأساسية، مثل شركات البتروكيماويات، والمعادن، والورق، والشركات الزراعية.
كيف يتعامل المستثمر مع السلع عند احتمال مواصلة تضخم الأسعار في الفترات اللاحقة؟
يتم ذلك بشراء أسهم صناديق المؤشرات الخارجية المتخصصة في عدة أشكال من السلع، ويتم ذلك دون الحاجة للتعامل المباشر بسوق السلع المستقبلية.

الاستثمار في القطاع العقاري
من المعروف أن أسعار العقارات وتكاليف الإيجارات العقارية تتأثر بشكل مباشر بتضخم الأسعار، وهذا واقع ومشاهد في كل مكان حول العالم، بل إن العقارات بشكل عام تستفيد من التضخم في انخفاض تكاليف التمويل التي تمت في السابق، إذا كانت نسبة التمويل ثابتة. بمعنى آخر، التمويل السابق، الذي تم بنسبة فائدة معينة ستكون دفعاته الحالية والقادمة أقل قيمة بسبب التضخم من جهة، وبسبب أن نسبة الفائدة سترتفع في المستقبل، فتكون تكاليف العقار الجديد أعلى من القديم.
مؤشر أسهم الصناديق العقارية السعودية

في المملكة هناك عدة طرق للمشاركة في القطاع العقاري والاستفادة من تضخم الأسعار، ويتم ذلك بالطرق التقليدية لامتلاك العقار أو من خلال أسهم شركة التطوير العقاري، أو من خلال أسهم الصناديق العقارية المتداولة. لمتابعة أسعار العقارات بأنواعها السكنية والتجارية والزراعية هناك مؤشر ترصده الهيئة العامة للإحصاء ويمكن متابعته لمعرفة توجه العقار بشكل عام.
مؤشر شركات التطوير العقاري بالسعودية
 أما بالنسبة للشركات المدرجة في السوق العاملة في القطاع العقاري فيوجد مؤشر القطاع، الذي ترصده "تداول"، إلى جانب حركة كل شركة على حدة. كذلك هناك مؤشر للصناديق العقارية المتداولة، ويلاحظ أن أداء شركات التطوير العقاري قريب من أداء الصناديق العقارية المتداولة مع وجود بعض التباين في الأداء، فيمكن لمن يتابعها جيدا أن يقرر أيا منها أنسب لمحفظته.
كيف يتعامل المستثمر مع القطاع العقاري في حال مواصلة تضخم الأسعار؟
يتم ذلك بالشراء المباشر للعقارات أو من خلال الاستثمار في نحو عشر شركات تعمل في مجال إدارة وتطوير العقارات، أو من خلال نحو 15 صندوقا متخصصا في مجالات محددة داخل القطاع العقاري.

الذهب كسلعة
يعد الاستثمار في الذهب الملاذ المعروف وشبه المؤكد لمكافحة التضخم والوسيلة الأنسب للهروب من العملات الورقية إلى صلابة الأصول الملموسة، كون العملات الورقية تتآكل قيمها الحقيقية نتيجة بعض السياسات المعينة للبنوك المركزية. لذا فالذهب يعد السلاح المناسب ضد تضخم الأسعار الناتج عن التراخي في السياسة النقدية، وليس بالضرورة في حال وجود التضخم المصاحب للنشاط الاقتصادي القوي، لذا هنا على المستثمر أن يدرك هذه النقطة أولا.


لا يوجد في المملكة وسيلة فعالة ومرنة للاستثمار في الذهب، عدا ربما عن طريق الشراء المباشر للمجوهرات الذهبية، وهذا في الواقع لا يعد استثمارا حقيقيا وفعالا، أو بالشراء المباشر للقوالب والعملات الذهبية، وهذا كذلك ليس بأفضل الحلول. 
الطريقة الأخرى– ولا تزال طريقة غير فعالة جدا– هي الاستثمار في الشركات العاملة في مجال إنتاج الذهب، مثل شركة معادن، ولكن الأنسب دائما الاستثمار في صناديق دولية متخصصة في الذهب، بعضها صناديق استثمارية وبعضها صناديق متداولة.


كيف يتعامل المستثمر مع الذهب في حال مواصلة تضخم الأسعار؟
الأفضل للمستثمر شراء أسهم صناديق المؤشرات، مثل أسهم GLD، الذي يبلغ حجم أصوله أكثر من 50 مليار دولار حاليا، أو الشراء المباشر لعقود الذهب المستقبلية.

خاتمة
تم استعراض عدة طرق تمكن المستثمر من التصدي لتضخم الأسعار والاستفادة من الوسائل الاستثمارية، التي تنتعش، أو على الأقل تحافظ على قيمها، في ظل تضخم الأسعار. ورأينا أن معظم الوسائل متاحة محليا للمستثمر السعودي، وبعضها يتطلب فتح حسابات دولية من خلال أحد الوسطاء المحليين المرخصين.
ولم نتحدث عن وسائل أخرى لمكافحة التضخم أو الاستفادة منه مثل الاستثمار في أسهم بعض الدول الأخرى، كون الذي يحدث غالبا أن درجات التضخم تختلف من دولة لأخرى، وأحيانا تكون حالة التضخم معاكسة من دولة لأخرى.

المصدر/ مقال  د. فهد الحويماني من جريدة الاقتصادية
هل أعجبك الموضوع ؟

نبذة عن الكاتب

م و كاتب مقالات الرأي في الصحف والمواقع الإلكترونية, محب للبحث والقراءة في علوم الاقتصاد والمحاسبة والادارة والتنمية البشرية وربط العلوم ببعضها,وأهدف الى بناء أقوي موقع حر للكتاب المستقلين .ويسرني ويشرفني انضمام جميع فئات الكتاب لتقديم محتوي قيم وتحقيق اهداف الموقع واهدافهم


يمكنك متابعتي على :


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق


جميع الحقوق محفوضة لمدونة كاتب مستقل2015/2016

تصميم : تدوين باحتراف