![]() |
محمد الجندي |
مواقع التواصل الإجتماعي و«الثورات»
في مقال سابق طرحنا سؤالاً يخص تأثير شبكات التواصل الإجتماعي في اندلاع ما سمي "بالربيع العربي" وهل بالفعل تستطيع مواقع التواصل الإجتماعي الـتأثير على الناس وعلى الرأي العام لكي يقوم بعمل "تظاهرات"، أو حتى إذا بالغنا "ثورات"؟هناك اعتقاد راسخ لدى الكثيرين بأن هذا ممكن وأن ما سمي بأحداث الربيع العربي التي تحولت إلى خريف حالك ساهم في اندلاعها شبكات التواصل الإجتماعي وبالأخص موقع Facebook و منصة Twitter.
للأسف الشديد ساهم الإعلام بقصد وبغير قصد في ابراز العلاقة مابين شبكات التواصل الإجتماعي والإنترنت وتظاهرات الربيع العربي دون سند علمي ودون دراسات متعمقة في هذا الأمر. وبما ان التليفزيون تحديداً هو المصدر الأول حالياً للمعلومات في الشرق الأوسط، فقد ترسخ لدى الكثيرين أن ثمة علاقة بين الربيع العربي وبين الإنترنت لدرجة أن البعض بادر بتسميتها ثورات الفيسبوك وثورات الإنترنت.
وهم الشبكة
في كتابه -وهم الشبكة "The Net Delusion"- أشار الكاتب افجيني موروزوف على أن شبكات التواصل الإجتماعي لم تلعب أي دور فيما سمى بثورات الربيع العربي وان الأمر ليس بهذه العلاقة التي ذكرها الإعلام. وهنا يجب أن نشدد على أن التكنولوجيا أداة.. انها ليست السبب في الإنتفاضات فهناك العديد من الظروف الإجتماعية والسياسية والإقتصادية داخلية وخارجية قد ساهمت بشكل كبير في اندلاع هذه الإنتفاضات.إحصائيات
يمكننا أيضاً أن ننظر إلى تحليل لعدد مستخدمي هذه الشبكات قبل وبعد ماسمى بالإنتفاضات لنستطيع أن نقف على مدى تأثير هذه الشبكات في هذه الأحداث. طبقاً لاحصائيات من دراسات خاصة بكلية محمد بن راشد للادارة الحكومية، فإن نسبة الاختراق الخاصة بعدد مستخدمي الفيسبوك مقارنة بعدد السكان تمثل نحو 3.7 في العام 2010 وهو قبل هذه الانتفاضات.
كان أيضاً عدد مستخدمي الفيسبوك في مصر في هذه الفترة لايتجاوز الـ3.3 مليون مستخدم. لكن بعد انتفاضة تونس ارتفع العدد في مصر، وطبقاً لاحصائيات وزارة الاتصالات المصرية فإن العدد وصل إلى 9 ملايين مستخدم للفيسبوك في 2011.
في عام 2013 وصل الاختراق لخدمة الفيسبوك نسبة لعدد السكان حوالي 16.2 % إضافة إلى أن إحصائيات عدد مستخدمي الفيسبوك وصلت إلى 27 مليون مستخدم في 2015.
عدد مستخدمي الفيس بوك في مصر2016
وفي دراسة حديثة لإحدى شركات التسويق الإليكتروني أشارت إلى أن عدد مستخدمي الفيس بوك في مصر وصل إلى حوالي 28 مليون مستخدم في بداية العام 2016. هذه الأرقام تشير إلى أن عدد المستخدمين قد ارتفع كثيراً بعد هذه الإنتفاضات وليس قبلها.
هذه الأرقام أيضاً لا تدعم فرضية أن الفيسبوك قد كان الأداة الأهم في اندلاع هذه الثورات لكن يمكن القول ببساطة انه استخدم كأداة لتأجيج الرأي العام عن طريق الإعلام التقليدي الذي كان يعتبر الفيسبوك مصدراً ينقل منه الأخبار لجمهور أعرض يشاهد التليفزيون.
الكثير من الدراسات يشير إلى أن حوالي 98 % من المصريين والعرب يعتبرون التليفزيون المصدر الأول للأخبار والترفيه مقارنة بحوالي 22 % يعتبرون الانترنت مصدراً للاخبار والمعلومات. بما أن الإعلام التقليدي كان يبحث دائماً عن مصدر للمعلومات فلم يكن هناك سوى الانترنت لكي ينقل منه للجمهور العريض وقت هذه الأحداث.
وبالفعل أصبحت شبكات التواصل الإجتماعي هي المصدر الأهم للإعلام التقليدي فاتحاً الباب على مصراعيه لعدم المهنية في تحري دقة الأخبار والمعلومات بسبب السرعة الكبيرة في انتشار المعلومات عبر مواقع التواصل الإجتماعي من مصادر مجهولة. لكن من الذي وضع في عقل المصريين والعرب أن مواقع التواصل الاجتماعي هي التي صنعت الثورات وكيف؟ انتظروا المقال القادم إن شاء الله.
الكاتب د/ محمد الجندي .
المصدر/ مجلة لغة العصر.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق