![]() |
الجاسوس الإسرائيلي "إيلي كوهين" |
من هو الجاسوس الإسرائيلي كوهين الذي كاد أن يصبح وزيراً للدفاع في سوريا قبل أن تكشفه المخابرات المصرية
بعد استعادة إسرائيل لرفات زخاريا باومل أحد جنودها الذين فقدوا في لبنان عام 1982، كشفت صحيفة “جيروزاليم بوست” الإسرائيلية أن الوفد الروسي الذي زار سوريا مؤخراً غادر وهو يحمل صندوقاً يحتوي على رفات الجاسوس الإسرائيلي الشهير إيلي كوهين.
ولم تنف أي مؤسسة إسرائيلية رسمية المعلومات التي وردت حول نقل رفات إيلي كوهين، فيما قال مراسل القناة الإسرائيلية الثانية يارون أفراهام، إن النشر حول القضية لم يعد ممنوعاً بالوقت الحالي.
وتأتي هذه التقارير بعد إعلان جهاز الاستخبارات الإسرائيلي عن استعادة ساعة كوهين.
ونقل بيان عن رئيس جهاز الموساد يوسي كوهين قوله إنه” في ختام عملية أجريناها هذا العام تمكنا من تحديد مكان الساعة التي كان إيلي كوهين يضعها في سوريا حتى اليوم الذي تم القبض عليه فيه، وقد تم إعادتها إلى إسرائيل“.
من هو إيلي كوهين؟
ولد إيلي كوهين في مدينة الإسكندرية المصرية لعائلة سورية في 26 ديسمبر/ كانون الأول عام 1924، وأطلق عليه والدها اسم إلياهو بن شاؤول كوهين، وقد كانت أسرته مهاجرة من حلب السورية إلى مصر حيث أقامت.
التحق كوهين بالمدارس الدينية اليهودية منذ نعومة أظفاره، وفي المرحلة الجامعية قرر دراسة الهندسة في جامعة القاهرة، وببلوغه العشرين من عمره بدأت الأمور تتغير، حيث بدأت حيات تتخذ منحناً جديداً بعد قراره بالانضمام إلى الحركة الصهيونية، ثم الالتحاق بشبكة تجسس إسرائيلية في مصر يتزعمها أبراهام دار الشهير باسم “جون دارلينغ”.
كان دارلينغ من يهود بريطانيا الذين عملوا مع جهاز الاستخبارات الإسرائيلية عقب الإعلان عن قيام دولة إسرائيل عام 1948، وقد كان يخطط في تجنيد الشبان اليهود المصريين لتنفيذ المهام الخاصة التي توكل إليهم.
وكانت الشابة اليهودية مارسيل نينو، البالغة من العمر آنذاك 24 عاماً من أشهر من قام دارلينغ في تجنيدهم، وكانت معروفة كبطلة مصرية حظيت بالمشاركة في الأولمبياد لعام 1948.
أما إيلي كوهين، فقد كان يجيد ثلث لغات ويتحدثها بطلاقة، هي العربية والفرنسية والعبرية بالطبع، قبل أن يهاجر من مصر بشكلٍ نهائي بعد حرب السويس عام 1957، لتكون أول محطة له بعد مصر هي إسرائيل، ويبدأ بالعمل كمترجم للصحف من العربية إلى العبرية.
لم يرق العمل لكوهين بالترجمة كثيراً، ليجد طريقه للالتحاق بجهاز الاستخبارات الإسرائيلي، ومن هنا كانت البداية لقصة نجاحه باختراق الحكومة السورية والوصول لأعلى مستوياتها.
من إيلي كوهين إلى أمين ثابت!
بدأت مهمة كوهين في العام 1961، وتم تقديمه كرجل أعمال سوري يحمل اسم “أمين ثابت”، يملك الكثير من الاستثمارات الناجحة، ويخطط للعودة بجزء من استثماراته لوطنه الأصلي سوريا.
وبدأت المهمة من أمين الحافظ المحلق العسكري في السفارة السورية لدى بوينس آيرس عاصمة الأرجنتين، والذي أصبح فيما بعد رئيساً لسوريا.
في عام 1962، سافر كوهين إلى دمشق، ووطد علاقاته مع كبار ضباط الجيش والساسة والتجار ورجال الأعمال هناك، حيث أقام في حي أبو رمانة الراقي المجاور لقيادة الجيش السوري.
ومن هناك بدأ في إمداد إسرائيل بالمعلومات السرية والهامة حول سوريا، حيث أخبرها بمعلومات بالغة الأهمية عن مؤسسات الجيش السوري ومناطق انتشاره وانتشار الدبابات والمعدات العسكرية، وغيرها من المعلومات التي دفعت رئيس وزراء إسرائيل آنذاك ليفي أشكول بأن يقول أنه “لولا المعلومات التي حصلنا عليها من كوهين لكان الجيش الإسرائيلي عانى في الجولان”.
المخابرات المصرية تكشف كوهين!
بعد أن نجح كوهين في الصعود إلى أعلى دوائر صنع القرار في حزب البعث العربي الاشتراكي الحاكم لسوريا، لدرجة أنه أصبح المستشار الأول لوزير الدفاع السورين وعرض عليه بأن يتولى منصب نائب وزير الدفاع ليقترب بذلك من منصب وزير الدفاع السوري، لكن تمكنت المخابرات المصرية من اكتشافه، بحسب شبكة “سكاي نيوز” عربية.
فمن الطبيعي لرجل يتمتع بعلاقات كوهين مع النخبة الحاكم آنذاك أن يظهر بصور المناورات العسكرية التي تجريها سوريا، كما ظهر في إحدى الصور بجوار الرئيس حينها أمين الحافظ، ولكنه لم يكن يعلم أن تلك الصور ستتسبب بكشف أمره.
يقول الكاتب المصري المعروف محمد حسنين هيكل في أحد لقاءاته أن ضابطاً بالاستخبارات المصرية شاهد صورة تجمع كوهين والرئيس أمين الحافظ في أحد العروض العسكرية، وقد تعرف من خلال الصورة على كوهين الذي كان يعرفه منذ زمن بعيد وبشكلٍ جيد، بحسب موقع “عربي بوست“.
وقامت المخابرات المصرية بإخطار المخابرات السورية بتلك المعلومة الهامة، ليتم بعد ذلك البدء في مراقبة كوهين قبل أن يتم اعتقاله ويصدر حكماً بإعد امه شنقاً في ساحة المرجة الشهيرة بالعاصمة السورية دمشق في 18 أيار/ مايو من العام 1965.
الرسالة الأخيرة لإيلي كوهين
كانت الرسالة الأخيرة التي كتبها كوهين على جدران سجنه قبل أيام من اقتياده إلى ساحة المرجة تقول:” أنا لا أندم على ماقمت بفعله، فقط فعلت ما كان بإمكاني فعله ولم تتح لي الفرصة لفعله، ولكن ببعض الأحيان يفشل الأصدقاء المقربون الذين يستطيعون التصرف».
وترى زوجة كوهين أن الموساد كان مسؤلاً عما حدث له بقولها:”كانوا يعرفون أنه انكشف ورغم ذلك أجبـ.ـروه على العودة إلى سوريا”.
تهوّن الروايات الرسمية في سوريا من قيمة إيلي كوهين وما قام بفعله، وتنفي أن يكون قد تمكن من معرفة أمين الحافظ ولقائه سواء بالأرجنتين أو سوريا، وتقول إن ما أرسله إيلي لإسرائيل مجرد معلومات عامة، وتنفي أن يكون قد نجح با ختراق قيادات عسكرية وسياسية وأن علاقته اقتصرت على الضابط معز زهر الدين الذي حُكم عليه بالسجن5 سنوات، إضافة لمدني آخر يُدعى جورج سالم سيف.
لكن إسرائيل تعتبر إيلي كوهين رجلاً فريداً من نوعه، وقد أصدرت طابعاً بريدياً تذكارياً باسمه وصورته، كما يعتقد أنها هي من قامت بإنتاج الفيلم الأمريكي الشهير “جاسوس المستحيل” الذي تم تصويره في إسرائيل عام 1987، فضلاً عن إنشاء موقع باللغة العبرية له.
يذكر أن إسرائيل سعت لدى العديد من الشخصيات السياسية العالمية بمن فيهم بابا الفاتيكان وجورج بومبيد رئيس فرنسا آنذاك لمحاولة الإفراج أو إلغاء الحكم الصادر بحق إيلي كوهين، لكنها لم تنجح بذلك، حيث تم تنفيذ الحكم في ساحة المرجة.
وكان إسرائيل وضعت إعادة رفات كوهين كشرط رئيسي لإجراء محادثات مع سوريا، لكن السلطات السورية كانت ترفض ذلك بدعوى عدم معرفتها بمكانها بعد أن تم نقلها لعدة مرات حتى لا يتمكن الموساد من استعادتها.
وفي مارس/آذار 2016 طلب الرئيس الإسرائيلي رؤوفين ريفلين من نظيره الروسي آنذاك فلاديمير بوتين التدخل لدى الحكومة السورية لاستعادة كوهين، وذلك بحكم وجود القوات الروسية في سوريا.
المصدر/ وكالات
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق