الملاذات الضريبية: شركات الأوف شور بين الحقيقة والأوهام
أخبار عاجلة
تحميل ...

الجمعة، 19 يناير 2018

الرئيسية الملاذات الضريبية: شركات الأوف شور بين الحقيقة والأوهام

الملاذات الضريبية: شركات الأوف شور بين الحقيقة والأوهام

ما هي شركات الأوف شور؟ وكيف تعمل هذه الشركات؟
شركات الأوف شور

     ما هي شركات الأوف شور؟ وكيف تعمل هذه الشركات؟


قامت مجموعة التحقيق الصحافية الدولية (ICIJ Team) باختراق مكاتب المحامين (Mossack Fonseca) في بناما واستحصلت على ما يناهز مليون وثيقة تتعلق بشركات أوف شور Offshore- وحسابات مرتبطة بأصحابها.
 ولما كان موضوع شركات الأوف شور يثار بشكل شمولي وعام يثير الشك ويبعده عن موقعه القانوني، دفعني قلمي إلى الكتابة عنه بغية توضيح هذا الموضوع. فما هي شركات "الأوف شور"؟
يعني مصطلح "أوفشور" بالانكليزية "قبالة الساحل"، أي "خارج الأراضي". وتعني شركات "الأوف شور" بمعناها العام المتعارف عليه دولياً هي شركات تنشأ بموجب قوانين دول معينة ولكنها ليس لها أي علاقة إقتصادية مباشرة بها. أي أنها ليست شركات وهمية بل هي شركات قانونية مسجلة في الدول التي تنص قوانينها على وجودها وعلى طبيعة عملها.
وهنا وجب عدم المزج بين هذا التعريف العام والشركات التجارية التي يطلق عليها إسم أوف شور كما ينص عليها القانون في بعض الدول. والفكرة من إنشائها جلب عدد من المستثمرين والتجار الدوليين ومقدمي الخدمات وحثهم على تأسيس هذا النوع من الشركات في أراضي هذه الدول بغرض تحصيل ضرائب ورسوم سنوية رمزية وأتعاب يستفيد منها مديروهذه الشركات ومحاموها ومحاسبوها وموظفوها.
الملاذات الضريبية
(وقد أطلق العلامة فرنون من جامعة هارفرد على هذه الدول لقب الجنات الضريبية بالنظر للتسهيلات الضريبية التي تقدمها).
ومن الملاحظ هنا هو أن معظم هذه الدول تدور في فلك الدول الأنكلوسكسونية. مما يطرح السؤال حول سبب سماح الدول الكبرى كالولايات المتحدة وبريطانيا وألمانيا بنموهذه الظاهرة وعن مصلحتها فيها!
المشكلة لا تكمن في طبيعة هذا النوع من الشركات وقانونيتها بل في طريقة استعمالها وغايتها ومصادر الأموال التي تستخدمها. 


كما أن استعمالها يختلف بين الأفراد والمجموعات الاقتصادية. وهذه التسمية العامة لشركات الأوف شور يمكن أن تطلق على أشكال قانونية عدة: فهي يمكن أن تكون شركة مساهمة أو شركة محدودة المسؤولية بحسب النظام الأنكلوسكسوني، أو على شكل مؤسسات إئتمانية أو صناديق مالية. ولكل منها غايتها ووظيفتها وطريقة عملها. وفي الشركات المساهمة والمحدودة المسؤولية يمكن التحدث عن نوعين من الشركات: شركة الأوف شور التجارية. والشركة القابضة.
1) شركة الأوف شور التجارية: هي شركة مساهمة تؤسس في دولة يسمح قانونها بتأسيس هذا النوع من الشركات، الهدف منها القيام بعمليات تجارية واستثمار وتملك وتقديم خدمات خارج هذه الدولة. ولهذه الأسباب ولكون هذه الشركة لا تقوم بأعمال تجارية ومالية وخدمات ضمن أراضي هذه الدولة فهي تحظى بإعفاءات ضريبية وتسهيلات مختلفة تقدمها هذه الدولة.
2) الشركة القابضة: هي شركة مساهمة متخصصة في الاستثمار وتملك الحصص والأسهم والبراءات والحقوق وإدارتها وتمويلها وضمانها. وقد خصت بعض الدول كلبنان ولوكسمبورغ وليشتنشتاين وفادوز وسويسرا وغيرها هذه الشركات بتشريعات خاصة ومنحتها مميزات وتسهيلات ضريبية. ويستفيد من تأسيس الشركة القابضة مجموعة الشركات التي تريد إدارة المجموعة من خلال الشركة القابضة بشكل موحد ضمن المجموعة دون اللجوء إلى تمويل خارجي، أوأفراد أوعائلة تريد توزيع الحصص بين أفرادها بشكل أسهم تهربا من بعض القوانين الشخصية ورسوم الانتقال بشكل سري.
3) المؤسسات الائتمانية: وهي شركات أومؤسسات مدنية الغاية منها تجميع أموال شخص أوعائلة أومجموعة بغية إدارتها لأسباب عائلية أوإجتماعية. وهي تشبه إلى حد ما نظام الوقف.
4) الصناديق: الغاية منها تجميع أموال لأفراد أومجموعات أوشركات بغية تشغيلها أواستثمارها بغرض إجتماعي أوتمويلي. مثال ذلك صناديق المنتسبين إلى تعاونيات تقاعدية.


ويجب التمييز هنا بين طريقة تأسيس شركات ومؤسسات الأوف شور والغاية منها من جهة ومصادر الأموال من جهة أخرى في مرحلة أولى، وبين استعمال هذه التقنية القانونية من قبل أفراد أومن قبل مجموعة شركات من جهة ثانية.
1) طريقة تأسيس شركات ومؤسسات الأوف شور: الشفافية والسرية: ليس المقصود هنا طريقة تأسيسها القانونية بل التساؤل عن شفافيتها. ففي حالات قليلة تؤسس الشركة باسماء أصحابها الحقيقيين ويكونون حاملين لحصص أواسهم الشركة. ولكنه في معظم الحالات فإن هذه الشركات تؤسس بإسم مواطنين محليين يحملون اسهمها وحصصها ويوقعون على تنازلات لمصلحة المستفيدين الحقيقيين "على بياض" وعلى إفادة يصرحون بموجبها أنهم يحملون هذه الحصص والأسهم لمصلحة المالك الرئيسي. ويتلقون لقاء ذلك راتبا شهريا يدفعه مكتب المحاماة. وتودع هذه التصاريح والتنازلات لدى مكتب المحاماة بشكل "سري". ويعين من بين هؤلاء المواطنين من يدير الشركة ظاهريا. ويعطى صاحب الشركة الحقيقي وكالة على حساب الشركة لدى المصرف المعتمد وبطاقة دفع لديه باسم الشركة ليتصرف بأموالها. وهكذا لا يظهر إسمه ولكنه يدير الشركة فعليا.
2) الغاية: قبل الحكم على نية مالك الشركة يجب البحث عن الغاية المرجوة من تأسيس هذا النوع من الشركات. إذا كان الشخص يقوم بأعمال تجارية دولية مثلثة، فمن المنطقي تأسيس شركة أوف شور تجارية في دولة تقدم هذه التسهيلات وأن يستفيد من خدماتها وتخفيضاتها الضريبية في الوقت الذي لا يحقق أرباحا فيها. يقابل ذلك أنه يساهم في خلق حركة اقتصادية في هذه الدولة من خلال استعمال جهازها المصرفي والعمالي والسياحي والعقاري. فهناك تكافوء بين المصالح والمنافع.


وإذا كان الغرض أيضاً تجميع إدارة محفظته المالية والاستثمارية ضمن إدارة مالية واحدة وأسس شركة قابضة لهذا الغرض واستفاد من التسهيلات العملية والضريبية لهذا النوع من الشركات، فإن هذا العمل لا تشوبه أية شائبة ولا حاجة أن تكون الشركة سرية. أما إذا كانت الغاية من تأسيس شركة أومؤسسة أوف شور هوالتستر خلف السرية للقيام بأعمال غير مشروعة أولإخفاء أموال وأسماء لها خصوصيات تجعل من استعمالها هذه الشركات والمؤسسات أواستثمارها لأموال خارج دول جنسيتها أمرا له محاذيره الأخلاقية ونتائجه القانونية بحسب الاتفاقيات الدولية ، فإن الغاية من تأسيس شركات أومؤسسات كهذه تصبح غير مشروعة بالنسبة لدول جنسية هؤلاء الأشخاص ولقواعد الأخلاق الدولية. إلا أنه يجب تناول هذا الموضوع بنسبية. فالتجارة بالمحرمات كما هي متعارف عليها بموجب القانون الجنائي والاتفاقيات الدولية تجعل من تأسيس هذه الشركات واستعمالها لهذا الغرض غير مشروع حتى في الدول التي تسمح بتأسيسها.
أما من يؤسس هذه المؤسسات والشركات لتوطين الأموال التي هربها من بلده لأسباب سياسية أوضريبية فهوبالنسبة لدولة جنسيته مخالف، ولكنه ليس مرتكب لأي جرم بالنسبة للدول حيث تأسس شركات الاوف شور.

3) مصادر الأموال: يكمن بيت القصيد في مصادر الأموال. فمن ناحية أولى إن من كان يجني أموالا مشروعة في بلده ويدفع عليها ضرائب لا يحتاج إلى توطينها في جنات ضريبية إلا إذا كان الغرض منها حجب الأنظار عنها لأسباب شخصية. ولكن هناك أموال تم تهريبها لأسباب سياسية. وفي كثير من الأحيان تستعمل آلية شركات الأوف شور والسرية المحيطة بها لتغطية عمليات تبييض أموال غير مشروعة ناتجة عن الجريمة المنظمة ، وأموال تم الحصول عليها بوسائل غير قانونية وغير مشروعة.
أما فيما يتعلق باستعمال شركات الأوف شور فتتغير المفاهيم فيما إذا كانت شركات الأوف شور تمثل أفرادا يملكونها لتغطية ثرواتهم واستثمارها بشكل افضل أم إذا كانت تنتمي إلى مجموعة تجارية أومالية كبيرة أوبما يعرف بالشركات المتعددة الجنسية.


1) إستعمال شركات الأوف شور من قبل الأفراد: تندمج الغاية ومصدر المال في استعمال شركات ومؤسسات الأوف شور عندما يكون صاحب المشروع فردا أوعائلة. فمشروعية استعمال هذا النوع من المؤسسات مرتبط بمصدر الأموال والغاية منه. إلا أن مؤسسي هذا النوع من الشركات قد يستعملونه للحصول على الإمتيازات التي تمنحها هذه الدول للمقيمين فيها.
2) إستعمال شركات الاوف شور من قبل مجموعة شركات: يتعلق البحث هنا بنظرة الدوائر الضريبية والمالية إلى العلاقة القائمة بين الشركة الأم والشركة التابعة (أي الأوف شور) وما يمكنها أن تستنتج من الروابط المالية والإدارية التي تؤدي إلى تهريب الأرباح من شركة إلى أخرى. وتقوم الشركات المتعددة الجنسية على إنشاء شركات في دول تمنح امتيازات ضريبية بحيث تعمد إلى تجميع أرباح المجموعة من طريق المبادلات المالية والتلاعب بالفوترة وغيرها من التقنيات في الشركة المنشأة في هذه الدول. وتختلف الوسائل المتبعة لملاحقتها. فالدوائر المالية تتجاوز التركيبة القانونية للمجموعة ولا تعتد بجنسية الشركة التابعة بالنسبة للشركة الأم. وتسعى الدوائر الضريبية إلى نزع الصفة الشكلية عن الشركة الأم المتواجدة في جنات ضريبية لتنفذ إلى مكان الإدارة الفعلية ومركز القرار.
المصدر/ وكالات
هل أعجبك الموضوع ؟

نبذة عن الكاتب

م و كاتب مقالات الرأي في الصحف والمواقع الإلكترونية, محب للبحث والقراءة في علوم الاقتصاد والمحاسبة والادارة والتنمية البشرية وربط العلوم ببعضها,وأهدف الى بناء أقوي موقع حر للكتاب المستقلين .ويسرني ويشرفني انضمام جميع فئات الكتاب لتقديم محتوي قيم وتحقيق اهداف الموقع واهدافهم


يمكنك متابعتي على :


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق


جميع الحقوق محفوضة لمدونة كاتب مستقل2015/2016

تصميم : تدوين باحتراف